مؤتمر "ليب 2025" يُحدث نقلة نوعية في قطاع التقنية والاستثمار بالسعودية
استثمارات ضخمة وإعلانات استراتيجية تعيد رسم مستقبل التكنولوجيا في المملكة
الرياض : اختتمت المملكة العربية السعودية فعاليات مؤتمر "ليب 2025" يوم الأربعاء، الحدث التقني الأبرز في منطقة الشرق الأوسط، والذي أقيم على مدار أربعة أيام في العاصمة الرياض. شهد الحدث إعلانات استثمارية ضخمة بقيمة تجاوزت 25 مليار دولار، تهدف إلى تعزيز مكانة المملكة كمركز عالمي للابتكار والتكنولوجيا.
قفزة استثمارية في البنية التحتية الرقمية
ركزت الاستثمارات الجديدة التي تم الإعلان عنها خلال المؤتمر على البنية التحتية الرقمية، وتنمية المواهب التقنية، والبحث والابتكار، والذكاء الاصطناعي، والحوسبة السحابية، والأمن السيبراني. وأكد فيصل الخميسي، رئيس مجلس إدارة الاتحاد السعودي للأمن السيبراني والبرمجة والدرونز، أنه سيتم تنظيم نسختين من مؤتمر "ليب" العام المقبل، إحداهما في الرياض والأخرى في هونغ كونغ، في خطوة تعكس الطموح السعودي لجعل الحدث منصة عالمية رئيسية في مجال التقنية.
الذكاء الاصطناعي واقتصاديات المستقبل في قلب الحدث
مركز تميز في الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات
أعلنت هيئة الابتكار السعودية، بالتعاون مع مجموعة فقيه، عن إنشاء أول مركز تميز في الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات، باستثمار قدره 100 مليون ريال، لدعم المشاريع التقنية الناشئة وتعزيز الأبحاث المتقدمة في هذا المجال.
المهام الوطنية في الاقتصاد المستقبلي
كشفت هيئة تنمية البحث والتطوير والابتكار عن إطلاق مبادرات وطنية تهدف إلى تشكيل مستقبل الاقتصاد السعودي، ومن أبرزها:
-طوير ذكاء اصطناعي عام متوائم وموثوق بحلول 2050.
-إطلاق أول حاسوب كمي متطور بحلول 2045.
-إنشاء خمس مدن معرفية متقدمة في السعودية بحلول 2040.
"هواوي" تساهم في تنمية المهارات الرقمية
أعلنت شركة هواوي، بالشراكة مع وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات السعودية، عن إطلاق "مركز هواوي لتطوير المهارات"، بهدف تدريب 25 ألف موهبة سعودية بحلول عام 2030، من خلال برامج تدريبية سنوية في الذكاء الاصطناعي، والحوسبة السحابية، والأمن السيبراني، ما يعزز جاهزية الشباب السعودي للانخراط في سوق العمل الرقمي.
الاستحواذات والشركات الناشئة تواصل النمو
"فودكس" تستحوذ على شركة بريطانية
في إطار توسعها الدولي، استحوذت شركة "فودكس"، الرائدة في تكنولوجيا المطاعم والمدفوعات، على شركة "سولو فينتشر" البريطانية المتخصصة في أنظمة الطلب الذاتي، بهدف تعزيز قدراتها في قطاع التكنولوجيا المالية.
استثمارات متزايدة في الشركات الناشئة
شهد المؤتمر أيضًا إغلاق جولات استثمارية لعدة شركات ناشئة سعودية، منها:
- "كوانت" التي جمعت 2 مليون دولار لدعم تقنياتها التحليلية.
- "إيجاري" التي حصلت على تمويل بقيمة 16 مليون دولار.
- "ترانس" التي نمت قوتها العاملة بنسبة 400%، لتصبح من كبرى شركات تنظيم الفعاليات وإدارة الحشود في المملكة.
السعودية تضاعف حجم استثماراتها بفضل "رؤية 2030"
تمكنت المملكة من مضاعفة حجم استثماراتها منذ إطلاق "رؤية 2030" عام 2016، حيث بلغ إجمالي الاستثمارات 1.2 تريليون ريال سعودي (320 مليار دولار) بنهاية العام الماضي، بينما وصل حجم الاقتصاد السعودي إلى 4 تريليونات ريال.
وفي هذا السياق، أعلن محافظ صندوق الاستثمارات العامة، ياسر الرميان، أن الصندوق يوفر فرصًا استثمارية تُقدر بـ40 مليار ريال للقطاع الخاص، لدعم الاستثمارات في مختلف القطاعات. كما أشار إلى أن نسبة المحتوى المحلي في استثمارات الصندوق ارتفعت من 47% إلى 53% بين عامي 2020 و2023.
ارتفاع الناتج المحلي الإجمالي وزيادة الاستثمار الأجنبي
- أكد وزير الاستثمار السعودي، خالد الفالح، أن الناتج المحلي الإجمالي للمملكة ارتفع بنسبة 70% منذ إطلاق "رؤية 2030"، ليصل إلى 1.1 تريليون دولار، مع مساهمة 50% من الأنشطة غير النفطية.
- تضاعف الاستثمار السنوي من 642 مليار ريال إلى 1.2 تريليون ريال، مما يعكس نجاح خطط التنويع الاقتصادي.
- 600 شركة دولية اتخذت من المملكة مقرًا إقليميًا، بينما ارتفع عدد الرخص الاستثمارية من 4 آلاف عام 2018 إلى 40 ألفًا حاليًا.
البنية التحتية والتطوير العقاري محور استراتيجي للنمو
توسعات ضخمة في قطاع الإسكان والتطوير العمراني
أوضح وزير الشؤون البلدية والإسكان، ماجد الحقيل، أن قطاع الإسكان والبلديات أسهم بنسبة 14% من الناتج المحلي الإجمالي لعام 2024.
وبلغ إجمالي الاستثمارات في الضواحي السكنية أكثر من 140 مليار ريال، بالشراكة مع 65 مطورًا عقاريًا.
مشاريع النقل والخدمات اللوجستية
كشف وزير النقل، صالح الجاسر، عن مشاريع شراكة مع القطاع الخاص بقيمة 240 مليار ريال (64 مليار دولار) لتطوير البنية التحتية.
كما أن هناك 18 مليار ريال مخصصة لتحديث الموانئ والمطارات، تشمل مطار أبها، الطائف، القصيم، وحائل.
بالإضافة الى مشاريع طرق استراتيجية جديدة لربط مدن المملكة، مثل جازان وأبها، جدة ومكة، ينبع والجبيل، لتعزيز كفاءة النقل والخدمات اللوجستية.
ختام المؤتمر: نظرة نحو المستقبل
في الأخير يمكن القول إن مؤتمر "ليب 2025" أظهر مدى التقدم السريع الذي تحققه السعودية في مجالات التكنولوجيا والاستثمار، مع رؤية واضحة لبناء اقتصاد رقمي متطور. ومن المتوقع أن تواصل المملكة تحقيق قفزات نوعية في الابتكار والتقنيات الحديثة، مما يعزز مكانتها كمركز عالمي للتحول الرقمي.