التحديات اللغوية أمام اللاجئين السوريين في تركيا.. كيف يواجه الأطفال مشكلة اللغة العربية استعدادًا للعودة إلى الوطن؟
مع التطورات الأخيرة التي تعزز آمال اللاجئين السوريين في تركيا للعودة إلى وطنهم، يواجه هؤلاء اللاجئون تحديات عديدة، على رأسها قضية “اللغة العربية” التي تمثل عائقًا رئيسيًا، خاصة للأطفال الذين نشأوا في بيئة غير ناطقة بالعربية.
بعد سنوات من اللجوء، سارعت العائلات السورية في تركيا إلى تسجيل أبنائها في مدارس ومراكز تعليمية تهتم بتعليم اللغة العربية، في خطوة تهدف إلى تهيئة الأطفال للعودة إلى سوريا، والتكيف بشكل أفضل مع بيئتهم الجديدة بعد العودة.
مريم نابلسي: تحديات اللغة عند العودة
مريم نابلسي، لاجئة سورية في تركيا منذ 12 عامًا، ترى بحسب ما نقلت عنها فضائية “الحرة” أن العودة إلى سوريا تمثل أملًا متجددًا لها، لكنها تصف تحديات تعليم أطفالها اللغة العربية بالخطوة الأهم استعدادًا للعودة.
تقول مريم: “ابني نشأ وهو يتحدث التركية فقط، ولذلك كان من الضروري أن أسجل ابني في مركز لتعليم اللغة العربية”.
وتضيف مريم، أن رغبتها تكمن في تفادي صدمة نفسية لطفلها، التي قد تحدث نتيجة لفقدان الانتماء للغته الأم، وهو ما يجعلها تركز على تهيئته لغويًا قبل العودة.
وعي الأسرة: الحل الأمثل للتعليم
على غرار مريم، هناك العديد من العائلات السورية التي قررت اتخاذ خطوات استباقية لضمان الحفاظ على اللغة العربية بين أطفالهم. راتب مناوي، أحد السوريين الذين يعيشون في مدينة مرسين منذ عشر سنوات، يروي تجربته في تعليم أطفاله اللغة العربية رغم إغلاق المدارس السورية في تركيا.
يقول راتب: “القرار التركي بإغلاق المدارس السورية جعلنا نواجه تحديًا إضافيًا، لذا قمنا بتسجيل أطفالنا في دورات تعليمية في المساجد، وكذلك عبر المنصات الإلكترونية”.
وقد أثبتت هذه الجهود نجاحها، خاصة بعد سقوط نظام الأسد في سوريا، مما جعل العائلة تشعر بالارتياح لتمسكها بتعليم الأطفال العربية.
إقبال كبير على تعليم اللغة العربية
من جانبه، يوضح عبد الله كيالي، مرشد تربوي سوري مقيم في تركيا، أن هناك إقبالًا متزايدًا من العائلات السورية على تسجيل أطفالهم في مراكز تعليم اللغة العربية، سواء بشكل حضوري أو إلكتروني.
ويؤكد كيالي أن هذا الإقبال هو نتيجة إدراك العائلات لأهمية اللغة الأم في تهيئة الأطفال للعودة إلى سوريا.
كما يلفت إلى أن مستوى اللغة العربية يختلف من طفل إلى آخر؛ البعض يجيد التحدث بالعربية ولكنه يحتاج إلى تحسين مهاراته في القراءة والكتابة، بينما هناك آخرون نشأوا في بيئة تركية تحتاج إلى تعليم اللغة من البداية.
دور الأسرة في تعزيز الانتماء
من جهة أخرى، يشير كيالي إلى الدور الكبير الذي تلعبه العائلة في تعزيز انتماء الأطفال لوطنهم ولغتهم الأم. ويؤكد أن بعض العائلات تتعامل مع هذا الموضوع بجدية، بينما تتجاهل أخرى هذا الجانب المهم.
وقال كيالي: “بعض الأسر لا تدرك أهمية تربية الأطفال على ثقافتهم، بينما يقوم البعض الآخر بقطع الصلة مع وطنهم بعد انقطاع أملهم في العودة إلى سوريا”.
الأرقام والإحصائيات:
بحسب بيانات وزارة الداخلية التركية، بلغ عدد الأطفال السوريين المولودين في تركيا حتى ديسمبر 2024 حوالي 875 ألف طفل. كما تشير تقارير وزارة التعليم التركية إلى أن حوالي مليون و30 ألف طالب سوري في سن التعليم المدرسي، ولكن 65% فقط منهم ملتحقون بالمدارس، مما يعني أن هناك أكثر من 400 ألف طفل سوري لا يتلقون التعليم المدرسي.
وبينما تستمر الجهود لتعزيز الهوية الثقافية واللغوية للأطفال السوريين في تركيا، يبقى تعليم اللغة العربية أداة حاسمة لضمان تكيفهم مع المجتمع السوري بعد العودة.
وتؤكد هذه الخطوات أهمية الوعي الأسري في الحفاظ على اللغة الأم وتعزيز الانتماء الوطني، خاصة في ظل الظروف الاستثنائية التي يعيشها اللاجئون السوريون.