عندما تتحدث الطقوس: حكايات خفية من قلب مراسم التنصيب الأمريكية
منذ عام 1981، اعتاد الرؤساء المنتخبون في الولايات المتحدة أداء اليمين الدستورية على الواجهة الغربية لمبنى الكابيتول في واشنطن العاصمة، حيث يرفع الرئيس يده اليمنى ويقسم: “أقسم (أو أقر) بأنني سوف أقوم بتنفيذ متطلبات منصب رئيس الولايات المتحدة بكل أمانة، وبكل ما أستطيع سأدافع وأحافظ وأحمي دستور الولايات المتحدة الأمريكية”.
تُعتبر مراسم التنصيب حدثًا تاريخيًا مميزًا، تتخلله طقوس ورموز واحتفالات تجعل منه مناسبة فريدة تختلف عن تنصيب زعماء الدول الأخرى. في 20 يناير 2025، سيؤدي دونالد ترامب اليمين الدستورية كرئيس للولايات المتحدة للمرة الثانية، في حفل يُقام داخل مبنى الكابيتول بسبب توقعات الطقس البارد. من المتوقع أن تكون درجة الحرارة حوالي 6 درجات مئوية تحت الصفر عند الظهر، مما يجعلها الأبرد منذ تنصيب رونالد ريغان عام 1985.
ينص التعديل العشرون للدستور الأمريكي على أن تبدأ فترة ولاية كل رئيس منتخب في ظهر يوم 20 يناير من العام التالي للانتخابات، ويجب على الرئيس أن يؤدي اليمين الدستورية قبل تولي مهامه. على الرغم من أن الدستور لا يحدد شكلًا معينًا لأداء القسم، إلا أن إقامة حفل التنصيب بشكل عام أصبحت تقليدًا راسخًا منذ الأيام الأولى للجمهورية.
تاريخيًا، أُقيمت مراسم التنصيب في مواقع مختلفة. في 27 أبريل 1789، أدى جورج واشنطن اليمين الدستورية لأول مرة على شرفة القاعة الفيدرالية في مدينة نيويورك، التي كانت آنذاك العاصمة المؤقتة للولايات المتحدة. في 1801، أصبح توماس جيفرسون أول رئيس يُنصّب في العاصمة الجديدة واشنطن، حيث سار برفقة عدد قليل من المرافقين إلى مبنى الكابيتول من مسكنه القريب.
مع مرور الوقت، تغيرت مواقع إقامة حفل التنصيب. في عام 1981، نُقل الحفل إلى الواجهة الغربية لمبنى الكابيتول خلال تنصيب رونالد ريغان، وذلك لتوفير خلفية بصرية جذابة وإتاحة حضور أكبر عدد من الناس في منتزه ناشيونال مول. منذ ذلك الحين، أصبح هذا الموقع هو المعتاد لمراسم التنصيب.
تتضمن مراسم التنصيب تقاليد متعددة، منها غناء النشيد الوطني من قبل فنانين مشهورين. في حفل تنصيب ترامب عام 2025، ستؤدي المغنية كاري أندروود أغنية “أمريكا الجميلة”، كما سيقدم فريق “فيليج بيبول” عرضًا خلال الحفل. بالإضافة إلى ذلك، يُقام غداء التنصيب في قاعة التماثيل الوطنية بمبنى الكابيتول، بحضور قرابة مئتي ضيف، بما في ذلك الرئيس ونائب الرئيس وأفراد أسرتيهما والمحكمة العليا وأعضاء مجلس الوزراء وأعضاء القيادة في الكونغرس.
تُعتبر مراسم التنصيب فرصة للتأكيد على استمرارية القيادة والتجديد في النظام الديمقراطي الأمريكي، حيث يجتمع المواطنون والمسؤولون للاحتفال ببدء فترة رئاسية جديدة، مع الحفاظ على التقاليد التي ترمز إلى وحدة الأمة وقوتها.