أخبار

تصاعد التوتر بين إيران وتركيا: اتهامات إيرانية لدور أنقرة في سوريا وعلاقاتها بإسرائيل

في ظل تصاعد الخلافات الإقليمية، تواجه السياسة الخارجية لتركيا انتقادات متزايدة من إيران، حيث تعالت الأصوات الإيرانية المهاجمة لتوجهات أنقرة إزاء قضايا المنطقة.

هذا التصعيد جاء وسط صمت رسمي من الجانب التركي، مما أضفى مزيداً من الغموض على العلاقات الثنائية.

وتتهم المرجعيات الدينية والسياسية في إيران تركيا بالضلوع في مخطط تقوده الولايات المتحدة وإسرائيل منذ سقوط نظام بشار الأسد في سوريا. هذه الاتهامات تتعلق بدعم تركيا لما تُعرف بـ”هيئة تحرير الشام”، التي لعبت دوراً محورياً في الإطاحة بالنظام السوري آنذاك.

ولايتي ينتقد تركيا

وفي مقال كتبه علي أكبر ولايتي، مستشار الشؤون الدولية للمرشد الإيراني علي خامنئي، ونشرته صحيفة “كيهان”، الجمعة، فإن مسؤولين أتراكاً حذروا إيران من إثارة غضب إسرائيل.

وأضاف: “بعض المسؤولين الأتراك قدموا نصيحة لإيران بضرورة توخي الحذر من مغبة إثارة غضب الصهاينة إذا اتخذت الجمهورية الإسلامية بعض الخطوات ضدهم. عليهم ألا يتوقعوا أبداً من إيران الإسلامية أن تُطبِّع وتتعامل مع إسرائيل كما تفعل تركيا”. ووصف النصائح التركية بأنها “غير مسبوقة ومدعاة للأسف”.

وتابع ولايتي، في المقال الذي نقلته وكالة “مهر” الإيرانية، أن “الساسة الأتراك يعلمون، وقد شاهدوا بوضوح أيضاً، أن إيران صامدة، منذ سنوات، في وجه الكيان الصهيوني المتوحِّش القاتل للأطفال، وغيَّرت معادلات المنطقة والعالم لصالح الإسلام وسقوط الصهاينة”.

وقال إنّ “رَدَّنا على الحكومة التركية وبعض الحكومات الأخرى في المنطقة (لم يحددها) هو ألا يقيسوا إيران المقتدرة بأنفسهم، ولا ينتظروا أبداً قيام إيران الإسلامية بمساومة الكيان الصهيوني المجرم مثلهم”.

ولفت ولايتي، في مقاله، إلى أن “خط المواجهة انطلق منذ عهد الشهيد عز الدين القسام، واستمرَّ على يد الزعيم العربي الشهم والكبير جمال عبد الناصر. وفي المقابل كان هناك مَن يقودون المساومين ويواجهون عبد الناصر، وحاولوا إفشال نضاله؛ خدمةً لأميركا والصهاينة، وأكبر ضربة وجَّهوها لعبد الناصر هي إبادة الفلسطينيين من سكان الضفة الغربية لنهر الأردن، أكثر من 4000 فلسطيني، وقُتِل من السوريين الذين انتفضوا لمساندة الفلسطينيين 600 شهيد، واستمر هذان المساران المتوازيان”.

وأضاف أن “المعركة البطولية التي انطلقت في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023 هي مقاومة جادة وغير مسبوقة ومستمرة منذ 14 شهراً على يد مقاتلي حركتي (حماس) و(الجهاد الإسلامي)، وأن هذا المستوى من المقاومة التي يبديها الفلسطينيون غير مسبوق في الحروب المعاصرة، ويشبه المعجزة. وفي المقابل، فإن شدة الهجمات وجرائم الحرب التي يرتكبها الصهاينة أيضاً لا مثيل لها في التاريخ”.

سوريا وأبعاد الصراع

بالنسبة لسوريا، قال ولايتي إنها كانت، على مدى الـ50 عاماً الماضية، ضلعاً من أضلاع المقاومة، وإن “المشروع الاستكباري” الذي استهدف سوريا جاء لهذا السبب.

وأضاف: “أوصي المسؤولين الأتراك بالعودة من الطريق الذي يسلكونه بدلاً من إغداق النصح على إيران؛ فلا يليق ببلد، مثل تركيا، التي تحوي عشرات ملايين المسلمين، أن تقف في المعركة المقبلة بدرب المساومة مع الكيان الصهيوني المتوحش القاتل للأطفال، بدلاً من الوقوف مع العالم الإسلامي والشعوب المسلمة”.

اتهامات إيرانية

في السياق ذاته، قال كاظم صديقي، ممثل المرشد الإيراني، في خطبة صلاة الجمعة بطهران، إن “إحدى الدول المجاورة (قاصداً تركيا) وضعت يدها في وعاء الأميركيين، ولفترة طويلة دربوا مجموعات في إدلب بجميع أنواع الأسلحة، وكانت نتيجة هذه الخطة سقوط نظام بشار الأسد”.

كان المرشد الإيراني، علي خامنئي، ألقى باللوم على أميركا وإسرائيل فيما حدث بسوريا، في أول خطاب له، 11 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، بعد سقوط حكم الأسد في دمشق، 8 ديسمبر (كانون الأول)، وانتقد دور تركيا في تغيير النظام بسوريا، ووصفها (دون ذكر اسمها صراحة) بـ”المحتلة”.

وقال إن “حكومة مجاورة لسوريا لعبت، وما زالت تلعب، دوراً واضحاً فيما حدث في سوريا، لكن قوة التآمر الحقيقية ومركز القيادة الرئيسي موجودان في أميركا والكيان الصهيوني. لدينا أدلة لا تترك مجالاً للشك”.

وجاءت تصريحات خامنئي في الوقت الذي كان وزير التجارة التركي، عمر بولاط، بطهران لحضور الاجتماع الـ29 للجنة الاقتصادية التركية الإيرانية المشتركة.

والتقى بولاط الرئيس الإيراني، مسعود بزشكيان، خلال زيارته لطهران، وقال إنهما ناقشا موضوعات، مثل زيادة حجم التجارة المتبادلة إلى 30 مليار دولار، وتطوير مراكز التجارة الحدودية، وفتح بوابات حدودية جديدة.

وسط التصريحات الحادة والهجوم المتصاعد على تركيا في طهران، التقى الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، بزشكيان، في القاهرة، 19 ديسمبر (كانون الأول)، على هامش قمة مجموعة الثماني النامية.

علاقات عميقة

ويعتقد مراقبون أن أنقرة وطهران لن تتخليا عن التوازن الدقيق في العلاقات، التي تشمل التنافس والتعاون في منطقة جغرافية تمتد من القوقاز إلى الشرق الأوسط، الذي تغيَّر نوعاً ما مع رحيل إدارة الأسد في سوريا، بدعم من طهران، وسيطرة “هيئة تحرير الشام” على معظم أنحاء البلاد.

وبحسب مدير مركز أبحاث الاقتصاد والسياسة الخارجية التركي، سنان أولغن، فستواصل تركيا وإيران، كقوتين إقليميتين، التصرُّف بعناية فيما يتعلق بمصالحهما، ولن يُحدِث الوضع في سوريا، الذي زاد من النفوذ التركي، تغييراً جذرياً في نموذج العلاقات بين تركيا وإيران؛ فقد كان هناك دائماً صراع على النفوذ، وسيستمر ذلك.

يشار الى ان العلاقة بين إيران وتركيا شهدت على مدى العقود الماضية تداخلاً بين التنافس الإقليمي والتعاون الاستراتيجي. ورغم الاختلافات الأيديولوجية، فإن المصالح المشتركة في مجالات التجارة والطاقة ظلت تشكل رابطاً قوياً. في سوريا، وقفت تركيا إلى جانب المعارضة منذ اندلاع الأزمة في 2011، فيما دعمت إيران بقوة النظام السوري.

كما كان للسياسة الأميركية تأثير في صياغة هذه العلاقة، حيث فرضت العقوبات على إيران، ووضعت تركيا في موقف حساس بين التزاماتها تجاه واشنطن وشراكاتها مع طهران. ورغم ذلك، حافظ البلدان على قنوات التواصل لتجنب مواجهة مباشرة، مع استمرارهما في التنافس على النفوذ الإقليمي.

المصدر: تريندي نيوز
زر الذهاب إلى الأعلى