لماذا شيّد آل الأسد تماثيلهم في كل مدن سوريا؟
منذ تولي الرئيس الراحل حافظ الأسد السلطة في سوريا في عام 1970، بدأ نظامه في بناء تماثيل ضخمة له ولعائلته في مختلف أنحاء البلاد، وهو أمر استمر في عهد ابنه بشار الأسد.
لم يكن هذا الأمر مجرد محاكاة لممارسات دكتاتورية سابقة، بل كان جزءًا من استراتيجية ضخمة للتأكيد على السلطة والنفوذ السياسي للعائلة الحاكمة، في محاولة لبناء شخصية قوية لا يمكن تحديها.
بدأت هذه الممارسات في عهد حافظ الأسد، الذي كان يولي أهمية كبيرة لتكوين صورة عامة عن نفسه كزعيم لا يُمَس، ما دفعه إلى وضع تماثيله في كل مدينة وقرية سورية.
كان هذا النشاط جزءًا من مشروع شامل لتدعيم سلطته من خلال تكريس نفسه كرمز للوحدة الوطنية والاستقرار في ظل صراع داخلي مرير بعد انقلاب 1970. تم وضع التماثيل في الأماكن العامة، بالقرب من الميادين والشوارع الرئيسية، ما جعل صورته جزءًا من الحياة اليومية للسوريين، بهدف تعزيز حضوره في ذهن المواطن السوري.
في عهد بشار الأسد، استمر هذا التقليد، مع إضافة تماثيل جديدة في مناطق مختلفة من البلاد. بعض التقديرات تشير إلى أنه كان هناك المئات من التماثيل والصور التي تعكس تمجيد شخصية آل الأسد. كان من بين هذه التماثيل تمثال للرئيس حافظ الأسد في ساحة الأمويين بدمشق، وآخر للرئيس بشار الأسد في مدينة اللاذقية.
إضافة إلى التماثيل، سعت الحكومة السورية في فترات مختلفة إلى تسمية الشوارع والمدارس والمستشفيات باسماء تروج للأشخاص المقربين من العائلة الحاكمة. ويرى بعض المحللين أن هذه الممارسات كانت جزءًا من عملية “التقديس السياسي” التي تهدف إلى ترسيخ الانتماء للنظام وتعزيز فكرة أن آل الأسد هم رعاة الوحدة السورية وبناة الدولة.
المؤرخون والسياسيون يرون في هذه الممارسات نوعًا من الاستبداد الثقافي، حيث يتم استخدام الرموز والتماثيل لفرض النظام والسلطة بالقوة، وتوجيه الرسائل النفسية للمواطنين بأن السلطة السياسية هي ثابتة ومقدسة ولا يمكن المساس بها.
في حين يرى آخرون أن وضع تماثيل آل الأسد يعكس حالة العزل السياسي التي كانت مفروضة على سوريا طيلة عقود، وتضييق الحريات تحت شعار “الحفاظ على الوحدة الوطنية”.
وبعد سنوات من الحرب في سوريا، أصبح الكثير من هذه التماثيل هدفًا للهدم والاختفاء من قبل المعارضة أو القوى التي تتطلع لإحداث تغيير سياسي في البلاد. وتستمر هذه الرموز في إثارة الجدل حول دورها في السياسة السورية والكيفية التي ساهمت في تأبيد حكم العائلة الحاكمة.