انهيارات مالية وتصعيد تجاري.. كيف هزّت قرارات ترامب الاقتصاد العالمي؟
شهدت الأسواق المالية العالمية موجة من الانهيارات غير المسبوقة في الأسابيع الأخيرة، متأثرة بقرارات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بفرض رسوم جمركية واسعة النطاق على الواردات، بما فيها سلع من حلفاء تقليديين مثل الاتحاد الأوروبي واليابان وكندا. هذه الخطوة أشعلت مخاوف من حرب تجارية شاملة، تزامنت مع تراجع ثقة المستثمرين وتراجع مؤشرات النمو الاقتصادي العالمي.
الصدمة الأولى: الرسوم الجمركية وانهيار البورصات
أعلن ترامب في أوائل أبريل 2025 حزمة رسوم جمركية شملت:
- 34% على الصين (مضافة لرسوم سابقة بـ20%).
- 24% على اليابان.
- 20% على الاتحاد الأوروبي.
- 46% على فيتنام.
هذه القرارات تسببت في خسائر فورية تجاوزت تريليونات الدولارات في بورصات العالم، حيث انخفض مؤشر "ناسداك" بأكثر من 10% في يومين، بينما سجلت بورصة طوكيو أسوأ أداء منذ 37 عامًا بنسبة تراجع بلغت 12.4%. كما انعكس الأمر على الأسواق العربية، حيث تراجعت بورصة دبي بنسبة 4.5%، والسعودية بنحو 2.6%.
التداعيات الاقتصادية: من الركود إلى أزمات القطاعات
1. العقارات الأمريكية: تواجه أزمة حادة مع انهيار أسعار المكاتب التجارية بنسبة 70% في بعض المناطق، وتخلف شركات كبرى مثل "ستاروود كابيتال" عن سداد قروض بقيمة 212 مليون دولار. الخبراء يحذرون من إفلاس 400–500 بنك إقليمي بسبب تعثر القروض العقارية.
2. الصين: يعاني قطاع العقارات — الأكبر عالميًا — من ركود حاد رغم منع الحكومة تخفيض الأسعار قانونيًا لاحتواء الأزمة.
3. السلع الآمنة: قفز الذهب إلى مستوى قياسي عند 3,086 دولارًا للأونصة، بينما انخفض النفط بسبب مخاوف الركود.
الردود الدولية وتحذيرات الخبراء
- وصف رئيس الوزراء الياباني القرارات بأنها "أزمة وطنية"، بينما هددت كندا برد مماثل على السيارات الأمريكية.
- حذرت مديرة صندوق النقد الدولي من أن هذه الإجراءات "تهدد النمو العالمي"، خاصة مع تباطؤ معدلات التوظيف الأمريكي وارتفاع البطالة إلى 4.3%.
- بعض المحللين يرون أن التراجعات الحالية نتجت عن انفجار "فقاعة أسهم التكنولوجيا"، خاصة مع تراجع شركات مثل "إنفيديا" و"مايكروسوفت".
المستقبل: بين التفاؤل والتشاؤم
رغم أن ترامب وصف الانهيارات بأنها "تعديل مؤقت"، إلا أن الخبراء يشيرون إلى مخاطر طويلة الأمد:
- سيناريو التفاؤل: خفض الفائدة المتوقع من الاحتياطي الفيدرالي في سبتمبر قد ينعش الأسواق.
- سيناريو التشاؤم: استمرار الحرب التجارية قد يدفع الاقتصاد العالمي إلى ركود يشبه أزمة 2008، خاصة مع تصاعد التوترات الجيوسياسية في الشرق الأوسط.
تُظهر الأزمة الحالية هشاشة النظام المالي العالمي أمام القرارات الأحادية للدول الكبرى. بينما تحاول الحكومات احتواء التداعيات، يبقى السؤال: هل ستكون هذه الصدمة فرصة لإعادة هيكلة الاقتصاد العالمي، أم بداية لمرحلة جديدة من التباطؤ؟