القصة الكاملة لطرد السفير الأمريكي من الرياض بسبب صفقة " رياح الشرق " السرية.. الأمير فيصل بن جلوي يكشف التفاصيل
كيف اكتشفت واشنطن الصفقة بعد شهور من إتمامها؟ الأمير فيصل بن جلوي يروي التفاصيل المثيرة
كشف اللواء متقاعد فيصل بن جلوي، تفاصيل مثيرة حول حادثة طرد السفير الأمريكي من الرياض، والتي وقعت على خلفية صفقة الصواريخ الاستراتيجية "رياح الشرق" التي حصلت عليها المملكة من الصين، مؤكداً أن القرار جاء بعد طلب اعتبرته القيادة السعودية تدخلًا غير مقبول في السيادة الوطنية.
وأوضح بن جلوي خلال استضافته في برنامج "الليوان" أن استعراض الصواريخ جاء في توقيت استراتيجي يحمل دلالات سياسية وعسكرية قوية. لكن السفير الأمريكي في ذلك الوقت تجاوز حدود الأعراف الدبلوماسية، عندما طلب من القيادة السعودية الإشراف على الصواريخ ومعرفة قدراتها، وهو ما قوبل برفض قاطع من الملك فهد، الذي اعتبر الطلب اختراقًا للسيادة السعودية.
قرار عاجل بطرد السفير خلال 24 ساعة
رد فعل القيادة السعودية كان حاسم وسريع، إذ تقرر أن السفير الأمريكي شخص غير مرغوب فيه، وتم إجباره على مغادرة البلاد خلال 24 ساعة فقط. وأضاف الأمير فيصل أن السفير اضطر إلى مغادرة الرياض فورًا، وتوجه إلى المنطقة الشرقية، لأن الملك فهد أقسم بأنه لن يبيت ليلة واحدة في العاصمة بعد هذا التصرف غير المقبول.
كيف حصلت السعودية على صواريخ "رياح الشرق" دون علم أمريكا؟
وكانت صفقة الصواريخ الاستراتيجية "رياح الشرق" من أكثر العمليات السرية تعقيدًا، حيث تمكنت السعودية من إتمامها بنجاح دون أن تكتشفها واشنطن إلا بعد 9 أشهر.
وأوضح بن جلوي أنه عندما كان في إجازة بالولايات المتحدة، تفاجأ بخبر عاجل على التلفزيون الأمريكي يفيد بأن المملكة العربية السعودية حصلت على صواريخ "رياح الشرق" من الصين، وهو ما أثار استغراب واشنطن التي لم تكن تتوقع هذه الخطوة السعودية الجريئة.
وأكد أن هذا النجاح يعكس احترافية القوات المسلحة السعودية، التي نفذت العملية بسرية تامة، قائلًا: "كل جندي سعودي يجب أن يفخر بهذه العملية، لقد استطعنا تنفيذ المهمة بأعلى درجات السرية والتخطيط السعودي بنسبة 100%".
أنفاق مكة ودور خطة التمويه والخداع في حماية الصفقة
وفيما يتعلق بالأنفاق تم استخدام انفاق سرية بالقرب من مكة والطائف في خطة تمويه وخداع محكمة لضمان وصول الصواريخ دون اكتشافها بحسب بن جلوي.
وقال: "تم تخزين بعض الصواريخ في أنفاق خارج النطاق القريب من الطائف قبل نقلها إلى مواقع أخرى، حيث صُمّمت هذه الأنفاق خصيصًا لحفظ السرية والتأمين".
وأضاف أن الفرق الأمنية كانت ترتدي ملابس عمال شركات مقاولات لضمان عدم لفت الأنظار، ولم يتم اكتشاف العملية على الإطلاق، مما جعلها واحدة من أنجح العمليات السرية في تاريخ السعودية العسكري.
ومن ضمن التحديات الكبرى في هذه العملية كان تجنب رصد الأقمار الصناعية الأمريكية والروسية لحظة وصول الصواريخ. وقال: إن هناك تنسيقًا استخباراتيًا دقيقًا سمح بتفريغ الشحنات خلال فترات توقف مرور الأقمار الصناعية فوق المنطقة، حيث كان يتم إيقاف العمل بالكامل لمدة نصف ساعة حتى يمر القمر الصناعي، ثم تُستأنف العملية من جديد.
وأشار إلى أنه تم تعديل سقف الهنجر الذي استقبل الصواريخ بحيث يمنع التصوير الجوي، وهو ما أدى إلى نجاح عملية النقل دون اكتشافها من قبل وكالات الاستخبارات الأجنبية.
نقل الصواريخ من الصين إلى السعودية
روى اللواء متقاعد تفاصيل رحلة نقل الصواريخ الاستراتيجية إلى المملكة، حيث وصلت الشحنات عبر سفن شحن عادية، وتم تفريغها في ميناء ينبع، ثم نُقلت إلى مواقعها النهائية عبر مركبات عسكرية معدلة، بحيث كانت تبدو وكأنها شاحنات تبريد.
وشارك في العملية فريق من 4300 عسكري، تم توزيعهم على ثلاث مهام رئيسية: تأمين المنشآت والمواقع، ونقل الصواريخ والمعدات، استقبال الأسلحة وتخزينها.
وأوضح أن الرأس الحربي للصواريخ نُقل جوًا، بينما جاءت الأجزاء الأخرى عبر البواخر، وتم استلام الشحنات في أوقات متفرقة لمنع اكتشاف العملية.
لماذا حصلت السعودية على صواريخ "رياح الشرق"؟
أوضح بن جلوي أن امتلاك المملكة لهذه الصواريخ كان قرار استراتيجي من أعلى المستويات، نظرًا للتغيرات السياسية والعسكرية في المنطقة آنذاك، حيث كان لابد من امتلاك سلاح ردع استراتيجي يضمن حماية المملكة.
وأوضح أن الدول الكبرى مثل الولايات المتحدة وروسيا تمتلك الردع النووي، بينما اختارت المملكة امتلاك منظومة صاروخية متطورة تحقق التوازن العسكري، مشيرًا إلى أن هذه الصواريخ أُطلق عليها اسم "رياح الشرق" لأنها جاءت من المدرسة الشرقية للسلاح.
يشار إلى أن هذه الواقعة تعد واحدة من أبرز المحطات في تاريخ السياسة الدفاعية السعودية، حيث كشفت قدرة السعودية على اتخاذ قرارات سيادية مستقلة دون التأثر بالضغوط الخارجية مهما كانت حجمها، وأظهرت أن القيادة السعودية تمتلك رؤية استراتيجية طويلة الأمد في بناء قوتها العسكرية.