كيف تحولين طفلك إلى قدوة في الاحترام؟
غالباً ما يُلاحظ أن الأطفال لا يولدون ولديهم إحساس فطري بالاحترام للآخرين، بل يحتاجون إلى تعلمه واكتسابه من خلال التربية والتوجيه. في البداية، يعتمد الأطفال على البكاء كوسيلة طبيعية للتعبير عن احتياجاتهم، مثل الجوع أو الانزعاج، لكن مع تقدمهم في العمر، يصبح من مسؤولية الآباء تعليمهم طرقاً أكثر احتراماً للتواصل.
مع ذلك، تظهر مشكلات في هذا السياق، مثل استخدام الأطفال لسلوكيات غير لائقة كالصراخ، التجاهل، أو الجدال مع البالغين، نتيجة تأثير البيئة المحيطة، بما في ذلك وسائل الإعلام وألعاب الفيديو التي قد تعزز السلوكيات السلبية.
يمكن أن تتعدد أسباب افتقار الأطفال لاحترام آبائهم، مثل رغبتهم في اختبار حدود القرارات الأبوية، أو الصعوبات في التعبير عن مشاعرهم في لحظات الغضب، مما يدفعهم لتوجيه تلك المشاعر نحو الوالدين.كما أن الإزاحة، وهي عملية يصرف فيها الطفل انفعالاته السلبية تجاه طرف آخر، أو الشعور بخيبة الأمل في العالم المحيط، يمكن أن تساهم في ذلك.
تُضاف إلى ذلك تغييرات الهرمونات المرتبطة بالنمو، والخوف من المسؤولية، واضطرابات الصحة النفسية كالاكتئاب والقلق، التي قد تدفعهم للتصرف بطريقة غير محترمة. وأيضاً، يمكن أن يكون الانتقاد المستمر لهم أو محاولة السيطرة على خياراتهم سبباً رئيسياً في تراجع احترامهم.
تغيير هذا السلوك يبدأ بوعي الآباء حول دورهم في تعليم أطفالهم الاحترام. يُنصح بأن يتذكر الأهل أن علاقتهم مع أطفالهم ليست علاقة صداقة، بل علاقة تربوية تستدعي وضع حدود واضحة ومحاسبة على التجاوزات. مواجهة السلوك غير المحترم في وقت مبكر خطوة فعالة، حيث يمكن للوالدين التدخل فوراً للتأكيد على أهمية السلوك اللائق. على الأهل أيضاً الاتفاق معاً على طريقة تربية موحدة لتجنب التناقض في التعامل مع السلوكيات السلبية. كما يُعد تعليم الأطفال أساسيات التفاعل الاجتماعي مثل استخدام عبارات الأدب كـ”من فضلك” و”شكراً لك” أمراً جوهرياً في بناء احترامهم للآخرين.
يتعين على الوالدين تصحيح سلوك أطفالهم بطريقة محترمة دون صراخ أو انفعال، بل من خلال تقديم توجيهات واضحة ومتابعة العواقب بشكل هادئ. من المهم أيضاً وضع توقعات واقعية لسلوك الأطفال، مع توضيح الحدود بشكل مسبق ومتابعتها في أوقات هادئة بعيداً عن التوتر. تجنب أخذ سلوك الطفل على محمل شخصي يساعد الوالدين على التعامل بموضوعية، حيث إن المبالغة أو التقليل من ردود الفعل يؤدي إلى نتائج عكسية، مما يعوق الطفل عن تعلم إدارة مشاعره وأفكاره بفعالية.
الحل يتطلب التزام الأهل بتقديم نموذج يُحتذى به في الاحترام، والعمل على بناء علاقة قائمة على التفهم والتوجيه الإيجابي، مما يساعد الأطفال على تبني قيم الاحترام بصدق وتحقيق توازن عاطفي وسلوكي في حياتهم.