كشفت تجربة سريرية سويسرية حديثة عن وصفة ثلاثية فعّالة في حماية كبار السن من الأمراض المزمنة المرتبطة بالشيخوخة.
الدراسة التي أُجريت في مركز أبحاث الشيخوخة بجامعة زيوريخ، تقدم أدلة علمية قوية على فعالية هذه الوصفة في إبطاء الشيخوخة البيولوجية وتحسين الصحة العامة للمسنين. وقد تم نشر نتائج الدراسة، التي شملت أكثر من 700 مشارك، في دورية "Nature Aging" يوم الاثنين الماضي.
تُعرف الشيخوخة البيولوجية بأنها العملية التي تتدهور فيها وظائف الخلايا والأنسجة في الجسم تدريجيًا مع مرور الوقت، مما يساهم في تراجع الأداء البدني والعقلي وزيادة خطر الإصابة بالأمراض المزمنة مثل السرطان، وأمراض القلب، والخرف. على عكس الشيخوخة الزمنية التي تُقاس بعدد السنوات منذ الولادة، تعتمد الشيخوخة البيولوجية على التغيرات الجزيئية والخلوية التي تحدد مدى صحة الجسم مقارنة بعمره الزمني. يمكن قياس الشيخوخة البيولوجية باستخدام أدوات علمية متطورة تحلل التعديلات الكيميائية في الحمض النووي، مما يساعد في فهم تأثير العوامل المختلفة على الصحة وطول العمر.
تفاصيل الدراسة والتدخلات العلاجية
شملت التجربة السريرية 777 من المسنين الذين تجاوزوا السبعين من عمرهم على مدار ثلاث سنوات. وقام الفريق البحثي باختبار تأثيرات ثلاثة تدخلات علاجية رئيسية: تناول ألفي وحدة دولية من فيتامين "د" يوميًا، تناول مكملات "أوميغا-3" بجرعة غرام واحد يوميًا، أو ممارسة تمارين منزلية لمدة 30 دقيقة ثلاث مرات أسبوعيًا. كما تم اختبار تأثير الجمع بين هذه العوامل الثلاثة في مجموعة واحدة.
تم تقسيم المشاركين إلى مجموعات علاجية، حيث تناول كل مجموعة إما فيتامين "د"، أو مكملات "أوميغا-3"، أو مارسوا التمارين الرياضية، أو جمعوا بين هذه العوامل الثلاثة. وأظهرت نتائج التحليلات أن تناول مكملات "أوميغا-3" بمفردها قد ساعد في إبطاء الشيخوخة البيولوجية بمعدل يصل إلى أربعة أشهر، بغض النظر عن الجنس أو العمر أو مؤشر كتلة الجسم.
ولكن عندما تم دمج مكملات "أوميغا-3" مع فيتامين "د" والتمارين الرياضية، ظهر تأثير أكبر بكثير. حيث ساعد هذا المزيج في تقليل خطر الإصابة بالأمراض المزمنة مثل السرطان، وهشاشة العظام، والتدهور العضلي، مقارنة بأي تدخل فردي. وأوضح الباحثون أن هذه النتائج تعود إلى آليات بيولوجية متكاملة: يعزز "أوميغا-3" من وظائف الخلايا، بينما يساعد فيتامين "د" في تنظيم المناعة، وتساهم التمارين الرياضية في الحفاظ على اللياقة البدنية وصحة العظام.
وفقًا للباحثين، فإن إبطاء الشيخوخة البيولوجية باستخدام هذه الوصفة الثلاثية يمكن أن يقلل بشكل كبير من خطر الإصابة بالأمراض المزمنة المرتبطة بالشيخوخة، مما يعزز الصحة العامة وطول العمر. ويرى الخبراء أن هذه النتائج يمكن أن تشجع الأطباء والسلطات الصحية على توصية كبار السن باستخدام هذا المزيج من التدخلات كجزء من استراتيجيات الوقاية لحماية صحتهم والحد من مخاطر الشيخوخة المبكرة.
في النهاية، تبرز هذه الدراسة كخطوة هامة نحو تحسين جودة الحياة للأشخاص المسنين، مع تقديم حلول عملية وفعّالة للحد من تأثير الشيخوخة على الصحة العامة.
