ألوان

ما هو حق الملح؟ وفي أي دولة عربية بدأ؟ معلومات فريدة ومدهشة!!

تريندي نيوز

في تونس، يتوارث المجتمع تقليدًا فريدًا يُعرف باسم "حق الملح"، يُمارس في عيد الفطر لتكريم النساء والاعتراف بجهودهن خلال شهر رمضان المبارك. يُعبّر هذا التقليد عن الامتنان والتقدير للزوجات على ما قدمنه من تعب وسهر في إعداد وجبات الإفطار والسحور ورعاية الأسرة طوال الشهر الفضيل.

أصل التسمية:

تعود تسمية "حق الملح" إلى عادة الزوجة التونسية التي، رغم صيامها، قد تضطر إلى تذوق الطعام بطرف لسانها للتأكد من اعتدال ملوحته قبل تقديمه للعائلة، وذلك حرصًا منها على جودة المذاق. هذا التصرف يُعتبر تضحية من قبلها، حيث تُخاطر بفساد صيامها لضمان رضا أسرتها. ومن هنا جاء مصطلح "حق الملح" كإشارة رمزية لتقدير هذا الجهد.

تفاصيل العادة:

في صباح عيد الفطر، وبعد عودة الزوج من صلاة العيد، تقوم الزوجة بتقديم فنجان من القهوة وطبق من الحلويات التقليدية لزوجها. كرد جميل واعتراف بتعبها، يضع الزوج هدية قيمة في الفنجان أو الطبق. تتفاوت قيمة الهدية وفقًا للإمكانات المادية للزوج، فقد تكون قطعة من الذهب، مثل خاتم أو سوار، أو مبلغًا ماليًا. يُعتبر هذا التصرف لفتة رمزية تعبر عن المحبة والاحترام بين الزوجين، وتعزز قيم الامتنان والمودة داخل الأسرة.

أصل الحكاية:

تُروى حكاية فلكلورية عن تاجر ثري كان يوزع "مهبة العيد" على أطفاله، وهي دراهم من الفضة والذهب، حين سقطت قطعة منها في فنجان القهوة، فقالت الزوجة مازحة: هذا نصيبي. لكن أثناء غسلها للفنجان، وجدت الزوجة أن القطعة النقدية صغيرة جداً، فعادت إليه محتجة بالقول "هذا المبلغ لا يساوي حتى حق الملح" الذي تذوقته، أي ثمنه، فعوضها الزوج بدينار من الذهب. لتصبح هذه العادة متوارثة في الأعياد.

آراء المجتمع التونسي:

تُعتبر عادة "حق الملح" تقليدًا محببًا لدى العديد من الأسر التونسية، حيث ترى فيه النساء تقديرًا لجهودهن وتعبهن خلال شهر رمضان. تقول صابرين، وهي ربة منزل تونسية: "يحرص زوجي كل عام على المحافظة على العادة التي توارثناها عن الأجداد، بإهدائي صباح العيد كنوع من الشكر على تعب رمضان". من جهة أخرى، يرى البعض أن الظروف الاقتصادية قد تحول دون تقديم هدايا ثمينة، إلا أن القيمة الرمزية للهدية تبقى الأهم. يقول سهيل، وهو موظف حكومي: "لم تعد العادة ممكنة، فالوقت تغير ورب الأسرة يعمل على تلبية الكثير من المطالب لأسرته في العيد، أهمها الملابس الجديدة والحلويات ومصاريف ألعاب الأطفال، لذا يصعب الحفاظ على (حق الملح) في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة".

نظرة نقدية:

بالرغم من الجوانب الإيجابية لهذه العادة، يطرح البعض تساؤلات حول دورها في تعزيز الصورة النمطية للمرأة كمسؤولة وحيدة عن مهام الطبخ والرعاية المنزلية. في مقال نُشر على موقع يورونيوز، تمت الإشارة إلى أن "حق الملح" قد يُنظر إليه كتقليد يعزز من ترسيخ النظام الذكوري، حيث يُتوقع من المرأة التضحية براحتها وصحتها من أجل الأسرة، ويُكافأ ذلك بهدية في نهاية المطاف.

تبقى عادة "حق الملح" جزءًا من التراث الثقافي التونسي، تعكس تقدير المجتمع لجهود المرأة وتضحياتها خلال شهر رمضان. ورغم التغيرات الاجتماعية والاقتصادية، يستمر هذا التقليد في تعزيز الروابط الأسرية ونشر قيم المحبة والامتنان بين أفراد المجتمع.

زر الذهاب إلى الأعلى